القائمة الرئيسية

الصفحات

الرشوة والهدية في الفقه الإسلامي بقلم دكتور مصطفى محمود

بقلم دكتور مصطفى محمود

يعد موضوع الرشوة والهدية من القضايا المهمة في الفقه الإسلامي لما له من ارتباط وثيق بحماية مقاصد الشريعة الإسلامية مما يؤدي إلى تحقيق العدل وصيانة المجتمع من الفساد فالشرع الحنيف جاء لإقامة العدل بين الناس ومنع التعدي على الحقوق ولذلك جاءت النصوص القرآنية والسنن النبوية المطهرة بتحريم الرشوة وتجريمها وبيان أثرها السيئ على الأفراد والمجتمع وفي المقابل شرع الإسلام الهدايا وحثّ على التهادي بين المسلمين لما فيه من تآلف القلوب ولكن مع ضبطها بضوابط تمنع الانحراف بها إلى باب الرشوة المحرمة  والرشوة هى كل ما يعطى لإبطال حق أو لإحقاق باطل.


وكل ما يدفعه شخص لآخر ذي سلطة أو ولاية ليحكم له بغير حق أو يمكنه مما ليس له   أما الهدية فهى كل ما يعطى من غير عوض على سبيل التكريم والإكرام 
وهى تمليك عين أو منفعة بلا عوض يقصد به التودد والتقارب  وحكم الرشوة في الشريعة الإسلامية هو التحريم وقد دل على تحريمها نصوص قرآنية كثيرة منها قوله تعالى:

{وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} سورة البقرة آية كريمة ١٨٨ وفي السنة المطهرة الحديث الشريف : ( لَعَنَ اللهُ الرَّاشِيَ وَالمُرْتَشِيَ ) (رواه الترمذي) فاللعن يدل على أن الرشوة كبيرة من كبائر الذنوب وأثرها يؤدي إلى ضياع الحقوق وانتشار الظلم و فساد القضاء والإدارة وإضعاف الثقة بين الحاكم والمحكوم.


واستثناء أجاز بعض الفقهاء دفع المال عند الاضطرار كمن يدفعه ليدفع عن نفسه ظلما أو ليستوفي حقا ثابتا له ويكون الإثم على الآخذ دون الدافع وإن حكم الهدية في الشريعة الإسلامية أن الأصل فيها الإباحة والاستحباب لقول الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم:

( تَهَادُوا تَحَابُّوا ) (رواه البخاري في الأدب المفرد) او كما قال صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ولكن يشترط في الهدية في الفقه الإسلامي أن تكون بعيدة عن مقاصد الرشوة وألا تكون مشروطة على قضاء مصلحة معينةو أن لا تعطى لموظف أو قاضٍ أو صاحب ولاية بسبب منصبه فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في عامل الصدقات الذي أخذ هدية: ( فهلا جلس في بيت أبيه وأمه فينظر أيهدى له أم لا؟ ) (متفق عليه) والهدية للقاضي أو المسئول محرمة إذا كان سببها المنصب لأنها تفضي إلى الميل وإضاعة الحقوق وتدخل في باب الرشوة   وإن وجه المقارنة بين الرشوة الهدية فإن الرشوة بها القصد لإبطال حق أو إحقاق باطل أما الهدية فالقصد منها التودد والتقارب فقط وإن الرشوة تعد من الكبائر أما الهدية مشروعة إذا خلت من المقاصد الفاسدة .

فكما ذكرنا فإن الشريعة الإسلامية فرقت بين الرشوة المحرمة التي تفسد الذمم وتضيع الحقوق وبين الهدية المشروعة التي تقوي أواصر الأخوة والمحبة بين المسلمين غير أن الهدية إذا قصد بها التأثير على ذي سلطان أو موظف عام صارت في حكم الرشوة المحرمة ومن هنا تظهر حكمة التشريع الإسلامي في الجمع بين تشجيع التهادي المشروع وتجريم الرشوة حماية المجتمع من الفساد  حفظ الله مصر وأهلها يارب آمين  فالله خير حافظا وهو ارحم الراحمين . 

تعليقات

التنقل السريع