![]() |
الدكتور أسامه مختار |
في المؤتمر الصحفي الذي عقدته وزارة الدفاع الإسرائيلية في أعقاب انتصارهم على الجيش المصري في الخامس من يونيو 1967م واحتلالهم لسيناء ورفع العلم الإسرائيلي فوق الضفة الشرقية لقناة السويس سأل أحد الصحفيين موشي ديان وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك ( كيف استطعت أن تحقق النصر على العرب بنفس الخطة التي هاجمتموهم بها في 1956؟
ألم تخشى أن يقرأ العرب تطورات القتال فيعلمون أنكم تهاجمونهم بنفس الطريقة التي هاجمتم بها من قبل فيستطيعون التعامل معها وإفساد هجومكم ؟
فقال موشي ديان في زهو المنتصر وغروره ( العرب لا يقرأون ) نعم هذه هي الحقيقة المريرة التي تجرعنا بسببها مرارة الهزيمة في ٦٧ وكل هزيمة حلت بنا في تاريخنا ( العرب لا يقرأون ) هذه الكلمة أتذكرها بالحزن كلما أهل علينا معرض القاهرة الدولي للكتاب ذلك الحدث الثقافي الذي يتبارى فيه الناشرون العرب في عرض ما جادت به قرائح كتاب العرب وأدبائهم وعلمائهم وتخيلوا معي أننا الأمة الوحيدة على وجه الأرض التي أمرها الله تبارك وتعالى بالقراءة أمراً مباشراً ليس ذلك فحسب بل إنها أول كلمة نزل بها الوحي على قلب النبي صلى الله عليه وسلم (إقرأ) ليقدم لنا ولكل العالم الدليل الواضح والفصل في أن أمة الإسلام لن تقوم بالجهل وإنما ستقوم بالعلم ومفتاح العلم القراءة وأداة نقل العلم وحفظه هو القلم .
إقرأ باسم ربك الذي خلق *خلق الإنسان من علق * إقرأ وربك الأكرم * الذي علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم * ففهم المسلمون الأوائل معنى هذه الكلمات الربانية فعملوا بها وقاموا للعلم وبالعلم فعملوا بما علموا فأورثهم الله علم ما لم يكونوا يعلمون وسخر لهم الكون وما فيه يعمل من أجلهم حتى قوضوا دعائم أعتى إمبراطوريتين في ذلك الزمان الفرس والروم ليس ذلك فحسب بل إنهم قدموا للبشرية كلها مسلمين وغير مسلمين العلم النافع والنظريات الثابتة التي أخذها عنهم علماء الغرب والتي ما زالت البشرية كلها تنهل من علومهم وتراثهم حتى الآن .
وتمر السنون والأعوام وتنسى أمة القرآن أنها أمة إقرأ تنسى أمة القرآن أنها أمة عالمة متعلمة فتركت العلم وهجر أبناؤها القراءة إلا من رحم ربي فخالفت الأمة منهج ربها وسنة نبيها صلى الله عليه وسلم وابتعدت عن سبيل الرقي والتقدم ألا وهو القراءة وحب العلم حتى صارت أضحوكة العالم ولعبته .
لقد حرص أعداء الإسلام والماسونية العالمية أن يجردوا المسلمين من هويتهم شيئاً فشيئاً وكان أول شئ حرصوا على أن يبعدوهم عنه هو العلم و الثقافة من خلال إبعادهم عن القراءة وذلك بإلهائهم بوسائل دنيوية رخيصة سخرها الإعلام الصهيوني الماسوني لتعمل في اتجاه واحد هذا الإتجاه هو الذي أفصح عن نتائجه موشي ديان في مؤتمره الصحفي حين قال العرب لا يقرأون حتى تصبح هذه الأمة أمة متخلفة وشعوب جاهلة وحتى يصبح العرب والمسلمون الذين سادوا الدنيا كلها قبل ذلك شعوب مستأنسة على استعداد للتنازل عن أرض بشعبها وبترولها في مقابل الحصول على مقعد زائد في كأس العالم لكرة القدم .
لقد ابتعد شبابنا عن القراءة لأنهم شغلوهم ببرامج من نوعية ذا فويس وستار ميكر وستار أكاديمي وكرة القدم العالمية والمحلية وكلما كان المطلوب هو الوصول للعمق العربي والإسلامي أكثر كلما زادت سرعة النت وزادت وسائل التواصل الاجتماعي وزادت القنوات الناقلة المفتوحة للبطولات العالمية حتى يفرح شباب العرب ويجلسون على المقاهي يشاهدون المباريات والشيشة في أفواههم وينسون أن هناك مباريات أخرى تدور في غزة وفي جنين وفي لبنان وفي سوريا وفي اليمن وحتى السودان البلد الشقيق والشعب الطيب لم يسلم من مخططاتهم هذا كله نتاج الإبتعاد عن القراءة.
إننا بحق نحتاج لإعادة النظر في وسائل التربية ومناهج التعليم تلك المناهج العقيمة التي زادت من كره أبنائنا وشبابنا في القراءة.
إننا بحاجة أيضا لغلق شاشات التليفزيون لمدة ساعة يوميا والإلتفاف بدلا منها حول كتاب يغذي الفكر ويوقظ العقول الصدأة من غفوتها .
إننا بحاجة للقراءة باسم الله كما أمرنا الله تعالى حين قال إقرأ باسم ربك لأن القراءة باسم ربك تفتح آفاق العقل وتؤهله للتأمل في ملكوت السماوات والأرض فمن يقرأ باسم الله يعطيه الله العلم النافع وينال أجراً وثواباً على قراءته لأن قراءته بتلك النية عبادة إنني أدعو كل مصري لزيارة معرض الكتاب وحضور ندواته والتفاعل معها وشراء ما يستهويه قراءته من كتب وليكن نيتكم في ذلك إحياء عنصر أساسي من عناصر نهضة الأمة ألا وهي القراءة وليكن شعارنا في معرض هذا العام ( إقرأ لإنقاذ نفسك وإنقاذ أمتك).
تعليقات
إرسال تعليق