القائمة الرئيسية

الصفحات

الامتحانات من رهبة التقييم إلى طمأنينة الدعم” بقلم الدكتورة: زهرة الشريف

 
دكتورة/ زهرة الشريف  اخصائي نفسي وأسري

في كل موسم امتحانات، تشهد البيوت تغييرات نفسية واضحة، حيث يرتفع منسوب التوتر وتكثر الأوامر والتوجيهات، فيشعر الأبناء أنهم أمام لحظة فاصلة يتوقف عليها مستقبلهم. يتحول الامتحان من وسيلة تقييم إلى عبء ثقيل يُقاس به تقدير الأهل ومكانة الطالب، مما يؤدي إلى تسلل القلق والخوف إلى نفوسهم. المشكلة لا تكمن في صعوبة الامتحان بقدر ما تكمن في الضغوط النفسية المحيطة به، والتي تُزرع غالبًا داخل المنزل، من خلال توقعات عالية ورسائل ضمنية مشروطة بالنتائج.


الحقيقة أن الامتحان ليس معركة، بل فرصة للتطور، ولا يمكن للطالب أن يؤدي فيها بإيجابية ما لم يكن محاطًا ببيئة آمنة ومطمئنة. هنا يتجلى دور الأسرة، ليس فقط في توفير الأدوات الدراسية، بل في دعم الطالب نفسيًا وتقديره على جهده لا على نتيجته. فحين يشعر الطالب أن محبة والديه لا ترتبط بالدرجات، يتحرر من القلق، أما إذا شعر أن الفشل سيُقابل باللوم أو الغضب، يتحول الامتحان إلى تهديد.

من الضروري أن نعيد تعريف النجاح داخل منازلنا، فهو لا يقتصر على التفوق الرقمي، بل يشمل الاتزان، والإصرار، واحترام الذات. الجو الهادئ داخل البيت، ونبرة التشجيع بدل التوبيخ، وتوفير ركن منظم للمذاكرة، جميعها أدوات نفسية تُسهم في تخفيف التوتر وزيادة التركيز. حتى الاستراحات القصيرة والضحكات البسيطة تلعب دورًا لا يقل أهمية عن ساعات الحفظ.

في صباح الامتحان، تبدأ العبارات بصياغة يوم الطالب. عبارة مثل “اذهب بثقة، نحن فخورون بك مهما كانت النتيجة” تمنحه ثباتًا داخليًا لا توفره أي مراجعة أخيرة. فالامتحانات تختبر قدرة الطالب على إدارة ضغطه، لا فقط على استدعاء معلوماته.

في النهاية، نحن لا نُعد أبناءنا ليجتازوا الامتحان فقط، بل نُعدهم ليواجهوا الحياة. وإن زرعنا فيهم الثقة في أصعب اللحظات، سنحصد جيلًا أكثر توازنًا، يرى في التجربة معنى أعمق من مجرد أرقام على ورقة.

تعليقات

التنقل السريع