![]() |
الكاتب والسياسي سيد الاسيوطي |
السلطة حين يحكمها الجنون تتحول إلى لعنة، لا على صاحبها وحده، بل على الأوطان والشعوب، بل وعلى العالم بأسره. وهنا تتجسد المقارنة المرعبة بين هتلر الذي قاد ألمانيا إلى دمار شامل، وترامب الذي يجر الولايات المتحدة نحو الهاوية.
هتلر بدأ جنونه بخطابات حماسية ملتهبة، محركًا غرائز الكراهية والتفوق العرقي، قبل أن يقود بلاده والعالم إلى حرب مدمرة انتهت بانتحاره أو اغتياله أو اختفائه في غياهب المجهول، تاركًا ألمانيا أنقاضًا ودمارًا وملايين القتلى. لقد كان جنونه لعنة على شعبه أولًا، ثم على البشرية جمعاء.
أما ترامب، فقد جسّد نسخة أمريكية من الجنون السياسي، أكثر فوضوية وأشد خطورة، فهو لم يكتفِ بتأجيج الداخل الأمريكي بالانقسام والكراهية والعنصرية، بل منح الضوء الأخضر للمجرم نتنياهو وحكومته المتطرفة لإبادة الشعب الفلسطيني وتدمير غزة، والعبث في سوريا ولبنان والشرق الأوسط، وفتح باب الاغتيالات السياسية المحرمة دوليًا. بل إنه تحدى المحكمة الجنائية الدولية نفسها، وهدد رموزها بالاغتيال بعد أن أدانت مجرمي الحرب في الكيان الصهيوني، في سابقة خطيرة لم يعرف لها التاريخ مثيلًا.
ولم يتوقف جنونه عند هذا الحد، بل راح يوزع إهاناته السخيفة على رموز وزعماء العالم أجمع، ويتصرف كما لو أن الكرة الأرضية مزرعة خاصة يملكها. ومن العته أن يطالب لنفسه بجائزة نوبل للسلام، بينما يده ملوثة بدماء الأبرياء وقراراته لا تحمل إلا الخراب والدمار.
التاريخ لا يعيد نفسه بالحروف، لكنه يعيد المأساة كلما غابت العقول وضاع الوعي. من هتلر إلى ترامب، الجنون واحد: سلطة عمياء، تحريض دموي، وطموح أناني لا يرى سوى ذاته ولو احترق العالم من حوله. إن ما يفعله ترامب اليوم ليس غموضًا يحتاج إلى تفسير، بل هو جنون ظاهر كالشمس في وضح النهار، لا يحتاج إلى أدلة ولا إلى شهادات. إنه هتلر العصر الأمريكي، ومصير هذا المجنون لن يكون إلا إلى الهاوية، كما حدث مع من سبقوه من الطغاة والمجرمين، مثل نيرون إمبراطور روما القديمة، جوزيف ستالين زعيم الاتحاد السوفيتي، موسوليني ديكتاتور إيطاليا، وبعض قادة الدكتاتوريات الحديثة الذين انتهت سلطتهم بالفشل والموت أو النفي، ليصبحوا عبرة لمن يجرؤ على تحدي التاريخ.
إما نهاية ترامب قريبًا، أو نهاية الولايات المتحدة إلى الأبد.
تعليقات
إرسال تعليق