القائمة الرئيسية

الصفحات

“طفل التوحد .. رحلة إلى عمق عالم غير مرئي ينتظر الفهم”بقلم ا. ايمان قنديل

طفل التوحد: نافذة على عالم مختلف ينتظر الاكتشاف

 ايمان قنديل أخصائية إرشاد علم النفس التربوي 

عندما نتحدث عن التوحد، فإننا غالباً ما نركز على التحديات والصعوبات، لكن ما يغيب عن الأذهان هو أن طفل التوحد يحمل في داخله عالماً غنياً ومختلفاً عن المألوف. إنه ليس مجرد طفل يواجه صعوبة في التواصل أو التفاعل الاجتماعي، بل هو روح ترى العالم من زاوية لا نراها نحن، وتفسر التفاصيل بطريقة مميزة قد تحمل الكثير من الجمال والعمق.

التوحد ليس مجرد تشخيص، بل منظور مختلف للحياة

طفل التوحد لا يعيش في “عالم مغلق” كما يُقال أحياناً، بل يعيش في عالم مليء بالتفاصيل التي قد نتجاهلها نحن. قد يجد سعادة غامرة في مراقبة حركة الضوء عبر النافذة، أو يستمتع بتكرار لحن بسيط لساعات، ليس لأنه غير قادر على تجربة أشياء أخرى، بل لأن هذا التركيز يمنحه راحة وسلاماً داخلياً.

اللغة الصامتة: التواصل ما وراء الكلمات


قد يواجه طفل التوحد صعوبة في استخدام الكلمات أو فهم الإشارات الاجتماعية المعتادة، لكن هذا لا يعني أنه غير قادر على التواصل. نظرة عين، حركة يد، أو حتى صمت طويل قد يحمل رسائل عميقة تحتاج لمن يقرأها. فهم هذه اللغة الصامتة يتطلب من الأهل والمحيطين بالطفل أن يكونوا أكثر حساسية وصبراً.

الهروب من القوالب النمطية: ليس كل اختلاف عائق


غالباً ما يتم تصنيف طفل التوحد على أنه “مختلف” بطريقة سلبية، لكن الحقيقة أن هذا الاختلاف يمكن أن يكون مصدر قوة. العديد من الأطفال المصابين بالتوحد يظهرون قدرات استثنائية في مجالات مثل الرياضيات، الفن، أو الموسيقى. المفتاح هنا هو اكتشاف هذه القدرات وتوفير البيئة المناسبة لتطويرها.

التحدي الحقيقي: فهم العالم من منظور طفل التوحد

التحدي الأكبر ليس في كيفية تعليم طفل التوحد أو تحسين سلوكياته، بل في كيفية تغيير نظرتنا نحن كأفراد ومجتمع لفهم هذا الطفل وعالمه. فبدلاً من محاولة جعله يتكيف مع العالم، لماذا لا نحاول نحن التكيف مع طريقته في الرؤية والتفكير؟ هذا الفهم يمكن أن يفتح لنا أبواباً جديدة في كيفية تواصلنا وتفاعلنا مع الآخرين.

دور الأهل: بين التقبل والدعم

رحلة الأهل مع طفل التوحد ليست سهلة، فهي مليئة بالتحديات والمشاعر المتضاربة. من الطبيعي أن يشعر الأهل بالقلق أو الحزن في البداية، لكن التقبل هو الخطوة الأولى نحو بناء علاقة صحية مع الطفل. الدعم لا يعني فقط توفير العلاجات أو البرامج المناسبة، بل يشمل أيضاً منح الطفل الحب غير المشروط والشعور بالأمان.

الخلاصة: طفل التوحد هو مرآة لرؤية العالم بشكل أعمق

طفل التوحد ليس مجرد حالة تحتاج إلى علاج، بل هو فرصة لنا لرؤية العالم بشكل أعمق وأكثر إنسانية. من خلال فهمنا لهذا الطفل ودعمه، لا نساعده فقط على الاندماج في المجتمع، بل نساعد أنفسنا أيضاً على اكتشاف جوانب جديدة من الحياة قد لا ننتبه إليها في خضم انشغالاتنا اليومية. التوحد ليس نهاية الطريق، بل بداية رحلة مختلفة مليئة بالاكتشاف والتعلم.

تعليقات

التنقل السريع