![]() |
أ/ ايمان قنديل أخصائية إرشاد علم النفس التربوي |
في كل بيت فيه طفل عنيد، بتتكرر نفس الدائرة: الطفل يصر على رأيه، الأم تزعق، الطفل يعيط، الأم تستسلم أو تعاقب، ثم في النهاية: لا الأم ارتاحت، ولا الطفل اتعدل.
طفل مش بيسمع الكلام، مهما كررتي، مهما هددتي، مهما حاولتي تقنعيه بالعقل.
طفل بيقعد يعايت لحد ما ياخد الحاجة اللي عايزها، حتى لو هي غلط.
كل ما تطلبي منه يذاكر، يطنش، يتشاغل، يلعب، ينسى، يرفض.
وبتسألي نفسك كل يوم: هو ابني عنيد؟ ولا أنا اللي مش بعرف أتعامل؟
خليني أقولك: المشكلة مش في العناد بس. المشكلة مركبة، ومعقدة، لكن ليها حل. بس محتاجة فهم، وصبر، وطريقة مختلفة.
تعالي نبدأ من أول موقف…
🧠 الموقف الأول: الطفل بيعيط لحد ما الطلب يتنفذ
كل يوم بتسمعي:
– “عايز العصير دلوقتي!”
– “مش هلبس الهدوم دي!”
– “هات التابلت حالًا!!”
ولو رفضتي؟
– يبدأ الصريخ، العياط، يتشنج، يوقع نفسه على الأرض… لحد ما تنفذي اللي هو عايزه.
الحقيقة:
أنتِ علمتيه ده بإيدك، بس من غير قصد.
لما الطفل يعيط وتستسلمي، هو بيفهم إن البكاء = وسيلة للسيطرة.
كل مرة بتتنازلي، الطفل بيتأكد إن ما فيش حاجة اسمها “لأ” حقيقية.
الحل الواقعي:
لما يقولك طلب وانتِ شايفة إن وقته غلط، قولي:
“أنا فاهمة إنك عايز العصير، بس الوقت دلوقتي مش مناسب. لما نخلص الغدا، ممكن تشربه”.
هيفضل يعيط؟ طبيعي جدًا.
المهم: ما تستسلميش. خليه يعيط، حضنيه، طبطبي عليه، بس ما تنفذيش.
مرة على مرة، هيعرف إن الصريخ مش وسيلة ضغط، وهيبدأ يفكر.
🎓 الموقف الثاني: لما تقولي له “تعالى نذاكر” ويهرب
تبدأي الكلام:
– “قوم نذاكر يا حبيبي”
– يرد: “لأ مش عايز”
– تحاولي تقنعيه، يهرب
– تقولي هتسيبي اللعبة بعد ربع ساعة؟ يقول: “حاضر”… ويكمل يلعب
– بعد شوية، تزعقي، تزعقي أكتر، وفي الآخر يا تعاقبي يا تسيبيه
الحقيقة:
الطفل مش بيهرب من المذاكرة، الطفل بيهرب من الضغط، والملل، والتهديد.
الحل الواقعي:
غيري جملة “تعالى نذاكر” إلى “تعالى نلعب لعبة المذاكرة”:
– هنعمل تحدي: نحل 3 كلمات في 3 دقايق.
– أو نلون الحروف اللي بنعرفها.
ابدئي بـ5 دقايق بس، تايمر على الموبايل:
– قولي: “هنذاكر 5 دقايق بس، وبعدها نرتاح”.
– كافئيه لو التزم: حضن، ملصق، نلعب سوا.
أبعدي المشتتات:
– شيلي اللعب من جنبه.
– اقفلي التابلت أو التلفزيون قبل المذاكرة بربع ساعة.
🧠 الموقف الثالث: لما يكون قاعد ويمسك أي حاجة يلعب بيها
– تلاقيه ماسك ألم وبيخبطه
– أو بيبص في أي حاجة حوالين
– أو حتى يفتكر يلبس شرابه في وسط الدرس
– وانتي بتكلمي، تلاقيه مش سامع، عينيه بتهرب منك
الحقيقة:
ده مش قلة احترام. ده غالبًا طفل عنده فرط حركة بسيط، أو تركيزه منخفض، أو مش مستمتع.
الحل الواقعي:
قللي وقت المذاكرة، وزوّدي الحِركة:
– خليه يذاكر واقف
– اكتبي الكلمات على كروت، وهو يختار من الأرض
استخدمي إيده:
– يحط دوائر على الحروف
– يوصل بين صور وكلمات
– يركب كلمات ببازل أو مغناطيس
ثبّتي نظره بعينيك:
– قولي اسمه، ولمّا يبصلك، كلمي.
– لو سرح، وقفي فورًا: “أنا هستناك تبصلي وبعدين أكمّل”.
📚 الموقف الرابع: بينسى كل حاجة رغم إنه ذاكَر
– تحفظيه كلمة النهاردة، ينساها بكرة
– تحلي معاه تمارين، يفتكرها بالعافية
– تحسي إن كل يوم بتبدأي من الأول
الحقيقة:
نسيان الطفل مش بسبب غباء. بل بسبب إن المعلومة ما ترسخش لأنها محفوظة مش مفهومة.
الحل الواقعي:
اربطِي المعلومة بصورة أو حركة:
– كلمة “apple” = يرسم تفاحة
– حرف A = يمد إيده زي الجبل
كرري المعلومة بأكتر من طريقة:
– سمع – كتابة – لعبة – أغنية
راجعي في وقت اللعب مش وقت المذاكرة:
– مثلًا: وإنتوا في الشارع قولي: “فاكر أول حرف من كلمة ball؟”
🧠 الموقف الخامس: عنيد ورافض يسمعك أصلًا
– كل ما تتكلمي، يلف وشه
– تزعقي، يرد
– تشرحي، يضحك
– تحسي إنك بتتكلمي لنفسك
الحقيقة:
الطفل العنيد مش بيقاومك، هو بيحاول يشعر إنه له رأي وكيان.
الحل الواقعي:
اختاري وقت الهدوء للكلام، مش وقت العصبية.
اسمعيه الأول، حتى لو طلبه غريب:
– “أنا فاهم إنك عايز تلعب دلوقتي. بس إحنا اتفقنا إن اللعب بعد المذاكرة. تحب نذاكر إيه الأول؟”
ادّيه اختيارات:
– “تحب تكتب بكراسة دي ولا دي؟”
– “نبدأ بالحروف ولا الأرقام؟”
لما يحس إنه مسموع، هيبدأ يسمع.
في النهاية، الطفل اللي عنده كل الصفات دي – عنيد، ما بيسمعش الكلام، بيرفض المذاكرة، بيفقد تركيزه بسرعة – مش طفل صعب. هو بس طفل محتاج طريقة مختلفة، محتاج أم تقدر تشوف اللي وراه:
مش بيركز؟ طيب أنا أساعده يركّز.
ما بيسمعش الكلام؟ طيب أجرب أكون قدوة وأسمعه.
بيرفض المذاكرة؟ طيب أبدّلها بلعبة.
بيصر على رأيه؟ طيب أستخدم ده كقوة مش كعيب.
تغيير السلوك بيبدأ مننا إحنا، مش منه هو. الطفل ما يتغيرش لما نخنقه، بل لما نفهمه ونحتويه ونوجّهه. ومهما تأخرت النتائج، ثقي إن كل خطوة صبر، كل مرة احتواء، كل فكرة جديدة بتحاولي تطبقيها… بتبني جوه طفلك شخص أقوى، أهدى، وأقرب ليكي.
تعليقات
إرسال تعليق