علم من اعلام القانون الدكتور تامر محمد سليمان الدمياطي بقلم الدكتور مصطفى محمود

 المخرج حمدي ابو العلا

 كم من مره تكلمت عن الشخصيه التاريخيه في الأعمال الدراميه ورغم انها تستهوي الكثير من كتاب الدراما حيث ثراء الابعاد الخاصه بها وتللك الأعماق التي تكمن في كل شخصيه تاريخيه وكذا الصراع بكل أشكاله وانواعه لابد من وجوده مع أي شخصيه تاريخيه. 

 ولكن لابد من التوضيح عن ماهيه عمل المؤرخ وعمل المبدع في الدراما فالمؤرخ يحكي ما كان اما المبدع يحكي ما سوف يكون من خلال استنباطه للشخصيه التاريخيه.

 فلنضرب مثل بمسرحيه(ابن الهيثم) للشاعر الكبير فوذي خضر. ومسرحيه ابن الهيثم تدور في ثلاثه فصول عن حياه العالم العربي ابن الهيثم وارتحاله من البصره الي بغداد الي مصر واستدعاء الخليفه الحكم بأمر الله له ليحل مشكله الفيضان جنوب مصر وعمل سد يمنع تدفق المياه ولكن عندما يذهب إلى هناك تقابله صعوبات من طبيعه الصخور في هذا المكان ولا ينجح في تطبيق ما اراده على المستوى النظري على المستوى العملي فيشعر بالفشل والأخفاق ويضطر خوفا من بطش الحاكم بأمر الله الي ادعاء الجنون ويامر الحاكم بمصادره ممتلكاته وجاريته لبيت المال ويعيش ابن الهيثم طريدا في خيمه ينسخ فيها الكتب ويبيعها بأسعار زهيده حتى يعيش.

 الي ان تقوم ثوره على الحاكم ويختفي كما يقول المؤرخون او يقتل ولكن لا يعثرون على جثته وتستمر معاناه ابن الهيثم حتى نهايه المسرحيه مع الظلم والجور في دلاله واضحه من المؤلف ان الظلم باقي بقاء الحياه ذاتها.

 المسرحيه كتبت شعرا كتبها الشاعر الكبير فوزى خضر. ولكنهات تعاني من الاسهاب الكبير حيث يقع فوزى خضر فريسه الشخصيه التاريخيه فيريد ان يحكي لنا كل تفاصيلها من الألف إلى الياء وهذا دور المؤرخ وليس المبدع فالمؤرخ يحكي ما كان اما المبدع يحكي ما سوف يكون من وجهه نظره. 

 والمشاهد التي حكت انتقال ابن الهيثم من البصره الي بغداد الي الشام الي مصر عطلت النمو الدرامي للحدث الرئيسي للمسرحيه وهو محاوله ابن الهيثم بناء سد واخفاقه فيه ثم أدعائه الجنون. فلو بدا منذ استدعائه الي مصر لأصبح الحدث متصاعد وأصبح الصراع يدفع الحدث المسرحي الي الامام ولكن اصرار الشاعر فوذي خضر على أن يضع كل شي في سله واحده عطل النمو الدرامي الطبيعي المسرحيه.رغم انه لم يفعل ذلك مع قطب الصراع الاخر الحاكم بامر الله فاشار في شذرات الي ملامح الشخصيه المجنونه التي تفعل أفعال لا يقبلها عقل.

 رغم ذلك كانت الشخصيه متسقه مع حوارها وصراعها مع القطب الاخر ابن الهيثم. كذلك وضع المؤلف تصورا لشاشه سينما تربط بين الأحداث ليحدث اسقاطا على الواقع المعاش وكذلك استخدام اغنيه (يامهون هون يا مهون) لمحمد قنديل من فيلم صراع في النيل ليحدث نفس الإسقاط على الواقع.

 ولكنه من وجهه نظري كمخرج قد قيد خيال المخرج ومنع استحداثه لاي شيئ فني مناسب ليكون معادلا موضوعي للحدث الرئيسي كا استخدام الموسيقي او الحركات الراقصه او غيرها.

 فلو اقتصر العمل على شريحه واحده وهي عمل السد والإخفاق فيه لكانت المسرحيه في كامل شكلها ومضمونها الجيد ولكن غلب على فوذي خضر البحث العلمي والتقصي والتأريخ والتوثيق لاحداث جانبيه سعيا وراء الاخبار عن الشخصيه بشكل تعليمي وتلقيني.

 ولكن لا يغيب عن المسرحيه ذالك الحوار الشاعري الجزل بعيدا عن الغنائيه فكان حوار مسرحيا دفاق ومناسب للشخصيات مع سهوله التناول فلم تكن اللغه عائق على الإطلاق لتتابع العمل كما نرى في أعمال كثيره بل العكس ساعدت اللغه على تحمل الصراع في نموه وتنميه للنصل في النهايه الي الغايه المروه من العمل كذلك الاهتمام ببعض الشخصيات ودوافعها مثل شخصيه ست الملك التي حركت كثير من ردود الأفعال مما دفع الأحداث في تتابع الي الامام في النهايه انا سعيد ان يكون بيننا شعراء في قيمه وقامه فوذي خضر يتصدون لكتابه المسرح وأعتقد التجارب القادمه لفوذي خضر ونحن في انتظارها سوف تأتي الأجمل والأفضل ففوذي خضر يملك ذلك وأكثر.