القائمة الرئيسية

الصفحات

حب الوطن من الإيمان بقلم الشيخ مخلوف أبواليزيد صبره احد علماء الأزهر الشريف

التنقل السريع
    الشيخ  مخلوف أبواليزيد صبره احد علماء الأزهر الشريف

    حب الوطن من الإيمان فقد خلق الله تعالى الخلق بقدرته، وخلق لهم وطنا يعيشون فيه،وأمرهم بالحفاظ عليه،والدفاع عنه، وجعل لهم حب الوطن غريزة فطريه، فطر الناس عليها، ونهى سبحانه وتعالى وحذر من الإفساد فيه، والتلاعب بأمنه، وترويع الآمنين من شعبه،

    فقال سبحانه وتعالى « قَدْ عَلِـمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ» من سورة البقرة- آية (60) وقال تعالى « فَاذْكُرُوا آَلَاءَ اللهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ» من سورة الأعراف- آية (74)

    وقال تعالى « وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْـمُحْسِنِينَ» من سورة الأعراف- آية (56) وقال تعالى « فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ» من سورة محمد- آية (22) كما سوي ربنا عز وجل في كتابه بين قتل النفس والإخراج من الديار والبلاد والوطن لصعوبة ذلك على النفس البشريه.

    فقال سبحانه «وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا»
    من سورة النساء- آية (66) كما وصانا ربنا في كتابه على غير المسلمين الذين لم يقاتلونا ولم يخرجونا من أرضنا وبلدنا ووطننا أن نبرهم، ونحسن إليهم، ونعاملهم بتعاليم الإسلام السمحه، فقال سبحانه « لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَـمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَـمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْـمُقْسِطِينَ» من سورة الممتحنة- آية (8) ويأتى حبيبنا صلى الله عليه وسلم الذي يعلمنا مدى حب الوطن، والتضحية بكل غال ونفيس من أجله، فعندما ينزل عليه أول وحي من السماء، وهو قوله تعالى «اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ* اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكرم* الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَـمِ *عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَـمْ يَعْلَـمْ» من سورة العلق- آية (1-5) ويرجع إلى السيدة خديجه رضي الله عنها، ويرجف فؤاده.

     وتستدعى له ابن عمها، ورقة بن نوفل، ويخبره بأنه سيكون نبي هذا الزمان، وبأنه سيناصره عندما يخرجه قومه، فيقول في دهشه: أو مخرجي هم، من شدة حبه لوطنه، وبلده، ومسقط رأسه، كما كان من شدة حبه لوطنه وبلده صلى الله عليه وسلم أنه كان في صلاته يجعل الكعبة المشرفة بينه وبين بيت المقدس عندما كان بيت المقدس هو قبلة المسلمين، وعندما هاجر وأخرج من وطنه نظر إلى مكة وهو على راحلته بالقزوره ودموعه تسبق كلامه والحزن يعتصر قلبه.

     ويقول « ما أطيبك من بلد وما أحبك إلى الله وما أحبك إلي، ولولا أخرجت منك ما سكنت غيرك» رواه الترمذي وعندما وصل المدينة المنوره صلى الله عليه وسلم من شدة حبه لوطنه وبلده ومسقط رأسه دعا ربه سبحانه وتعالى قائلا اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد، ومع ذلك لم ينس حبه لوطنه وبلده ومسقط رأسه فكان يسأل عنها وعن أهلها عندما كان يقدم إليه أحد من مكة.

    وكان يقلب بصره فى السماء متمنيا من الله تعالى أن يجعل الكعبه المشرفه هى قبلة المسلمين لأنها جزء عظيم وأصيل من بلده ووطنه وهنا يأمر الله تعالى أمين وحيه جبريل عليه السلام لينزل على حبيبه محمد صلى الله عليه وسلم ويجبر بخاطره ويقول له « قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْـمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَـمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ» من سورة البقرة- آية (144) .

    أيضاً جعل حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم الجندي الذي يسهر ليله فى حراسة وطنه بأن النار لا تمسه، فيقول صلى الله عليه وسلم «عينان لا تمسهما النار، عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس فى سبيل الله» وعبر بالعين كناية عن الجسد كونها تحرس وتراقب، وبين حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم بان الذي يقتل دفاعا عن وطنه وبلده اعتبره صلى الله عليه وسلم شهيدا فيقول صلى الله عليه وسلم «ومن قتل دون أرضه فهو شهيد» وما كانت غزواته صلى الله عليه وسلم إلا دفاعا عن وطنه وبلده.

    فاللهم احفظ لنا شبابنا، وأبناءنا وبناتنا ونسائنا، وأمننا وبلادنا واجعلها اللهم بلاد أمن أمان سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين، اللهم آمين.

    تعليقات