القائمة الرئيسية

الصفحات

عنوان النَص: أطيافٌ عابِرة بقلم الكاتبة العراقية مينا بشير

 الكاتبة العراقية  مينا بشير 

في كل ليلةٍ، عندما يقتُلُ اليومُ نفسهُ على حافّةِ الزمن، عندما يطوي التاريخُ إحدى صفَحاتهِ بحرَكةٍ روتينيةٍ باردة، عندما يُرخي الليلُ سُدولَهُ و يَغفو العالمُ على هَدهَدةِ الصمت، عندما تَذوبُ خطوطُ الأفُقِ في بُحورِ الظلامِ بانسيابيةٍ تامّة، أحفُرُ في ذاكِرَتي و أستَخرِجُ أطيافَهُم المَلعونة.. تَلوحُ لي وجوهُهم على جُدرانِ رأسي الثقيل. 


أتحَدَّثُ معهم حتى تَكِلَّ الأحاديث، ألعبُ معهم لًعبةَ الورَق التي طالَ انتِظارُها.

أخرِجُ في وُجوهِهِم كل بطاقاتي الرابِحة، لكنني أخرِجُها مُتأخِّرًا، بعد فواتِ الأوان، بعد أن تَكالَبَ الزمانُ على تلك القصصِ القديمة و تراكمَ عليها غُبارُ النسيان. تُرى هل ما زالوا يَذكُرونَني؟ أم أنني غدوتُ مجرَّدَ بَقايا مُبعثَرةٍ كأعقابِ سَجائِر؟ أتُراني روايةٌ خالِدة أم مجرَّدَ جُملةٍ عابِرةٍ في صفحة مَطويةٍ أو مُمزَّقة؟ هل يشعُرونَ بوَخزةِ الضميرِ و لَسعةِ الحَسرة عندما أخطرُ على بالِهم؟ تُرى لماذا لم يتعَب الزمنُ في لحظةِ المواجهة؟ لماذا لم تتوقَّف اللحظاتُ عن الانسيابِ بغزارةٍ كالمطرِ الهتول؟ لماذا لم تتَجَمَّدِ البُرهةُ كما تفعلُ على وجه آلةِ التصوير؟ كنت سأتَفًوَّهُ بكل الكلماتِ التي لطالما ابتَلَعتُها.

تساؤلاتٌ عقيمةٌ أطلِقُها لتسرَحَ في الفضاءِ الخالي، لتَرقُصَ التانغو مع الحقيقةِ المغرورة.

تَساؤلاتٌ أطلِقُ سَراحَها لتُعانِقَ الأثيرَ بحَرارة، لترفَعَ اللِثامَ عن وجه المَنطِق... و كالعادة، لا أتلَقّى إجابةً سوى سنفونية الصمتِ الطويل.

تعليقات

التنقل السريع